ادخل رجل كبير السن الى المستشفى بسبب كبر سنه وهرم جسده، وكان كل يوم يأتي شاب لزيارته، والجلوس معه لفترة طويلة يساعده فيها على أكل طعامه وغسل ثيابه،
ومن ثم يتجولا معا بحديقة المستشفى، ثم يعيده لغرفته ويساعده على الاستلقاء حتى ينام، ومن ثم يذهب بعد أن يطمئن عليه.
دخلت الممرضة الى الرجل الكبير لتعطيه الدواء وتفقد حاله، فقالت له: " ما شاء الله يا عم، لما يقوم به ولدك من عناية لك، فقليل ان تجد هذه الايام ابن بار بوالده هكذا كولدك " .
(نظر إليها الرجل الكبير ولم ينطق وأغمض عينيه، وقال لنفسه: ليته كان أحد أبنائي).
ثم قال لها: هذا الشاب ليس ولدي كما تعتقدين، ولكنه كان طفل يتيم يسكن في الحي الذي كنا نسكن فيه، فرأيته مرة يبكي عند باب المسجد بعدما توفي والده؛ فهدأته .. واشتريت له الحلوى، ولم احتك به منذ ذلك الوقت، وعندما علم بوحدتي أنا وزوجتي أخذ يزورنا كل يوم ويتفقد أحوالنا حتى وهن جسدي، فأخذ زوجتي إلى منـزله، وجاء بي إلى المستشفى للعلاج، وكلما أسأله: " لماذا كل هذا التعب معنا يا ولدي ؟" يبتسم ويقول: "ما زال طعم الحلوى في فمي يا عم !!"