ما يُـبـطــل الصــيـــام
ما يبطل الصيام قسمان:
1- ما يبطله , ويوجب القضاء .
2- وما يبطله , ويوجب القضاء والكفارة .
ما يبُـطـلة و يـوجـب القـضـاء
2,1- الاكل والشرب عمداً :-
فإما اكل او شرب ناسياً, أو مخطئاً , أو مكرها , فلا قضاء عليه ولا كفارة
, فعن ابى هريره ان النبى صلى الله عليه وسلم قال (( من نسى وهو صائم
فأكل او شرب, فليتم صومه, فإنما اطعمه الله وسقاه)) ::: رواه الجماعة ::: ,
وقال الترمزى : والعمل على هذا عند اكثر اهل العلم , وبه يقول سفيان
الثورى والشافعى واحمد واسحاق , وروى الدارقطنى والبيهقى والحاكم وقال:
صحيح على شرط مسلم ,, وعن ابى هريرة ان النبى صلى الله عليه وسلم قال ((
من افطر فى رمضان ناسياً فلا قضاء عليه ولا كفاره )) , قال الحافظ ابن حجر :
اسناده صحيح. وعن ابن عباس رضى الله عنهما : ان النبى صلى الله عليه وسلم
قال (( ان الله وضع عن امتى الخطأ والنسيان , وما استكرهوا عليه )) :::
رواه ماجه والطبرانى والحاكم :::.
3- القىء عمداً :-
فإن
غلبة القىء فلا قضاء عليه او كفارة , فعن ابى هريره : ان النبى صلى الله
عليه وسلم قال (( من ذرعه القىء فليس عليه قضاء , ومن إستقاء عمداً فليقض
)) ::: رواه احمد وابو داود والترمزى وابن ماجه وابن حبان والدارقطنى
والحاكم وصححه :::. قال الخطابى : لا أعلم خلافاً بين اهل العلم فى أن من
ذرعه القىء فإنه لا قضاء عليه , ولا فى ان من استقاء عامداً , فعليه القضاء
.
5,4- الحيض , والنفاس :-
الحيض و النفاس ولو اللحظه الاخيرة قبل غروب الشمس , وهذا مما اجمع العلماء عليه .
6- الاستمناء سواء اكان سببه تقبيل الرجل لزوجته او ضمها اليه , او كان باليد :-
فهذا يبطل الصوم , ويوجب القضاء , فإن كان سببه مجرد النظر , نهاراً فى
الصيام , لا يبطل الصوم , ولا يجب فيه شىء , وكذلك المذى , لا يؤثر فى
الصوم, قل او كثر.
7- تناول ما لا يتغذى به , من المنفذ المعتاد , الى الجوف مثل تعاطى الملح الكتير , فهذا يفطر فى قوله عامه اهل العلم :-
8- من نوى الفطر وهو صائم بطل صومه , وان لم يتناول مفطرا :-
فإن النيه ركن من اركان الصيام , فإن نقضها قاصداً الفطر ومتعمداً له إنتقض صيامه لا محاله.
9- اذا اكل , او شرب , او جامع ظاناً غروب الشمس وعدم طلوع الفجر :-
فظهر خلاف ذلك , فعليه القضاء , عند جمهور العلماء , ومنهم الأئمه الاربعه.
وذهب
اسحاق وداود وابن حزم وعطاء وعروة والحسن البصرى وجاهد: إلى أن صومه صحيح ,
ولا قضاء عليه , لقول تعالى { وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا
أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ
غَفُورًا رَّحِيمًا } (5) سورة الأحزاب , ولقوله رسول الله صلى الله عليه
وسلم (( إن الله وضع عن امتى الخطاء ...))الخ , وتقدم , وروى عبد الرازق
قال : حدثنا معمر عن الاعمش عن زيد ابن وهب , قال
( افطر الناس فى زمن
عمر ابن الخطاب , فرأيت عساساً اخرجت من بيت حفصه فشربوا , ثم طلعت الشمس
من سحاب فكأن ذلك شق على الناس , فقالوا : نقضى هذا اليوم , فقال عمر لم؟
والله ما تجانفنا الاثم )) , وروى البخارى عن اسماء بنت ابى بكر رضى الله
عنها قالت (( افطرنا يوماً من رمضان فى غيم , على عهد رسول الله صلى الله
عليه وسلم ثم طلعت الشمس )) ,, قال بن تيميه : وهذا يدل على شيئين : الاول :
يدل على انه لا يستحب مع الغيم التأخير إلى أن يتيقن الغروب , فإنهم لم
يفعلوا ذلك , ولم يأمرهم به النبى صلى الله عليه وسلم , والصحابه مع نبيهم
أعلم وأطوع لله ورسوله ممن جاء بعدهم , والثانى : يدل على أنه لا يجب
القضاء , فإن النبى صلى الله عليه وسلم لو أمرهم بالقضاء , لشاع ذلك , كما
نقل فطرهم فلما لم ينقل دل على انه لم يأمرهم به , واما ما يبطله ويوجب
القضاء , والكفاره , فهو الجماع لا غير عند الجمهور .
فعن ابى
هريره قال : جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال : هلكت يا رسول
الله , قال: (( وما أهلكك ؟ )) قال : وقعت على امرأتى فى رمضان . فقال ((
هل تجد ما تعتق رقبه؟ )) قال: لا , قال: (( فهل تستطيع ان تصوم شهرين
متتابعين؟ )) قال : لا , قال
( فهل تجد ما تطعم ستين مسكينا ؟ )) قال :
لا ,, ثم جلس فأتى النبى صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر , فقال : (( تصدق
بهذا )) قال : فهل على افقر منا ؟ فما بين لابتيها اهل بيت احوج إليه منا ؟
فضحك النبى صلى الله عليه وسلم , حتى بدت نواجذه , وقال
( اذهب فأطعمه
اهلك )) ::: رواة الجماعة ::: ومذهب الجمهور أن المرأة , والرجل سواء فى
وجوب الكفارة عليهما , ماداما قد تعمدا الجماع , مختارين فى نهار رمضان
ناوين الصيام , فان وقع الجماع , نسيانا , أو لم يكونا مختارين , بأن
اُكرها علية , او لم يكونا ناوين الصيام , فلا كفارة على واحد منهما . فإن
أُكرهت المرأة من الرجل , أو كانت مفطرة لعذر وجبت الكفارة علية دونها .
ومذهب الشافعى : أنة لاكفارة على المرأة مطلقا , لا فى حالة الاختيار , ولا
فى حالة الإكراة . وإنما يلزمها القضاء فقط , قال النووى : والاصح - على
الجملة - وجوب كفارة واحدة علية خاصة , عن نفسة فقط , وإنة لاشىء على
المرأة , ولا يلاقيها الوجوب , لأنة حق مال مختص بالجماع , فأختص بة الرجل ,
دون المرأة كالمهر , قال ابو داود : سُئل احمد عمن أتى أهلة فى رمضان ,
أعليها كفارة ؟ قال ماسمعنا أن على امرأة كفارة , قال فى المعنى : ووجة ذلك
: ان النبى صلى الله على وسلم
( أمر الوطىء فى رمضان يعتق رقبة , ولم
يأمر فى المرأة بشىء , مع علمة بوجود ذلك منها ))
والكفارة على
ترتيب المذكور فى الحديث , فى قوله جمهور العلماء . فيجب العتق اولاً , فإن
عجز عنه , فصيام شهرين متتابعين فإن عجزعنه , أطعم ستين مسكيناً من أوسط
ما يطعم منه أهله وأنه لا يصح الإنتقال من حالة إلى أخرى , إلا إذا عجز
عنها , ويذهب المالكيه ورواه احمد : انه مخير بين الثلاث فأيها فعل أجزا
عنه. لما روى مالك , وابن جريح , عن حميد ابن عبد الرحمن , عن ابى هريرة :
أن رجلاً أفطر فى رمضان فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يكفر بعتق
رقبه , أو شهرين متتابعين أو اطعام ستين مسكينا. ::: رواه مسلم ::: , و ((
او )) تفيد التخير. ولأن الكفارة بسبب مخالفة , فكانت على التخير , ككفارة
اليمين .
قال الشوكانى : وقد وقع فى الروايات , ما يدل على
الترتيب والتخيير , والذين رووا الترتيب اكثر ومعهم الزيادة . وجمع المهلب
والقرطبى بين الروايات , بتعدد الواقعة. قال الحافظ : وهو بعيد , لأن القصه
واحدة , والمخرج متحد , والأصل عدم التعدد , وأجمع بعضهم يحمل الترتيب على
الأولويه , والتخير على الجواز , وعكسه بعضهم , انتهى .
* ومن جامع عامداً فى نهار رمضان ولم يكفر , ثم جامع أخر يوم منه فعليه كفارة واحدة :-
عند
الاحناف , ورواية عن احمد , لأنها جزاء عن جناية تكرار سببها قبل
استيفائها , فتتداخل . قال مالك والشافعى , وروايه عن احمد : عليه كفارتان ,
لأن كل يوم عبادة مستقله , فإذا وجبت الكفارة بإفساد لم تتداخل كرمضانيين ,
وقد أجمعوا: على أن من جامع فى رمضان , عامداً وكْفر , ثم جامع فى يوم اخر
, فعليه كفارة اخرى . وكذلك أجمعوا على أن من جامع مرتين فى يوم واحد ولم
يكْفر عن الاول : ان عليه كفارة واحدة , فإن كْفر عن الجماع الاول لم يكفر
ثانيا , عند جمهور الائمة , وقال احمد : عليه كفارة ثانية.
* قضاء رمضان :-
قضاء رمضان لا يجب على الفور , بل يجب وجباً موسعاً فى أى وقت , وكذلك
الكفارة . فقد صح عن عائشة رضى الله عنها أنها كانت تقضى ما عليها من رمضان
فى شعبان ولم تكن تقضيه فوراً عند قدرتها على القضاء , والقضاء مثل الأداء
, بمعنى أن من ترك أياماً يقضيها دون أن يزيد عليها. ويفارق القضاء الأداء
, فى أنه فيه التتابع , لقوله الله تعالى { أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن
كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَر
} (184) سورة البقرة. أى ومن كان مريضا , أو مسافر فأفطر , فليصم عدة
الأيام التى أفطر فيها , فى أيام اخر , متتابعات أو غير متتابعات , فإن
الله أطلق الصيام ولم يقيده , وروى الدارقطنى عن ابن عمر رضى الله عنهما :
أن النبى صلى الله عليه وسلم قال فى قضاء رمضان : (( إن شاء فرق , وإن شاء
تابع )) , وإن اخر القضاء حتى دخل رمضان أخر , صام رمضان الحاضر , ثم
يقضى بعده من عليه , إذا كان التأخير بسبب العذر . وخالفوهم فيما إذا لم
يكن له عذر فى التأخير , فقالوا: عليه أن يصوم رمضان الحاضر ثم يقضى ما
عليه بعده , ويفدى عما فاته عن كل يوم مدا من طعام , وليس لهم فى ذلك دليل
يمكن الاحتجاج به . فالظاهر ما ذهب اليه الأحناف , فإنه لا شرع إلا بنص
صحيح .
* من مات وعليه صيام:-
أجمع العلماء على أن من مات
وعليه فوائت من الصلاه فإن وليه لا يصلى عنه , هو ولا غيره , وكذلك من
عجز عن الصيام لا يصوم عنه أحد اثناء حياته . فإن مات وعليه صيام وكان قد
تمكن من صيامه قبل موته فقد إختلف الفقهاء فى حكمه . فذهب جمهور العلماء ,
منهم ابو حنيفه , ومالك , والمشهور عن الشافعى : إلى أن وليه لا يصوم عنه
ويطعم عنه مدا , عن كل يوم . والمذهب المختار عن الشافعيه : أنه يستحب
لوليه أن يصوم عنه , ويبرأ به الميت , ولا يحتاج إلى طعام عنه. والمراد
بالولى , القريب , سواء كان عصبه , أو وارثاً , أو غيرهما , ولو صام أجنبى
عنه , صح , إن كان بإذن الولى , وإلا فإنه لا يصح . وإستدلوا بما رواه احمد
, والشيخان , عن عائشه: أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (( من مات وعليه
صيام صام عنه وليه )) زاد البراز لفظ : إن شاء .. وروى أحمد , وأصحاب
السنن : عن ابن عباس رضى الله عنهما: أن رجلاً جاء إلى النبى صلى الله عليه
وسلم , فقال: يا رسول الله , إن أمى ماتت وعليها صيام شهر أفأقضيه عنها ؟
فقال: (( لو كان على أمك دين أكنت قاضيه ؟ )) قال: نعم , قال : (( فدين
الله احق ان يقضى )) , قال النووى : وهذا القول هو الصحيح المختار الذى
نعتقده وهو الذى صححه محققوا أصحابنا الجامعون بين الفقه والحديث لهذه
الأحاديث الصحيحة الصريحة.
* التقدير فى بلاد التى يطول نهارها ويقصر ليلها:-
إختلفت الفقهاء فى التقدير , فى البلاد التى يطول نهارها , ويقصر ليلها ,
والبلاد التى يقصر نهارها , ويطول ليلها , على أى البلاد يكون ؟ , فقيل :
يكون التقدير على البلاد المعتدلة التى وقع فيها التشريع , كمكة والمدينة ,
وقيل : على أقرب بلاد معتدلة إليهم